موقف التربية من مبدأ الثواب والعقاب

موقف التربية من مبدأ الثواب والعقاب

26-06-2018
فيزياء

موقف التربية من مبدأ الثواب والعقاب 

تكاد تتفق نظريات علم النفس الحديث وكذا التربية في الإسلام  على مشروعية العقوبة لاسيما في من لم تنفعه ولم تجد معه الوسائل الأخرى من مدح وثناء وعفو بيد أن الأمر ليس على إطلاقه ولا هو بتلك الوحشية _ التي مع كونها تعذيبا وإيلاما لطفل بريء _ فإنها قد تنعكس سلبا على الطفل فتورثه حقدا وكراهية للمعلم والتعلم على حد سواء أو انفصاما يصعب التخلص منه بسهوله ,  كما أنها أعني العقوبة الجسدية ليست سمة لدى كل المربين في الإسلام كما يحلو للبعض فإذا كان في الحديث ( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع  ) فقد جاء فيه أيضا ( يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ومالا يعطي على ما سواه )  وهكذا يكون المربون في الإسلام أقروا كغيرهم مبدأ العقوبة  غير أنهم أحاطوها بسياج من القيود والشروط جاعلين منه كما يقال أخر الدواء , مفضلين عدم اللجوء إليه إلا لضرورة ماسة بل إن منهم من رفضه في جميع الأحوال  ,

ابن سحنون يقول في وصيته لولده ( لا تؤدبه إلا بالمدح ولطف الكلام وليس هو من يؤدب بالضرب والعنف )وغير بعيد منه يقول القابسي في هذا الشأن متحدثا عن المؤدب( فهو المأخوذ بأدبهم والناظر في زجرهم عما لا يصلح لهم والقائم بإكرامهم على مثل منافعهم فهو يسوسهم في كل ذلك رفقه بهم ورحمته إياهم فإنما هو لهم عوض عن آبائهم ) و القابسي يستند في ذلك إلى الحديث الشريف( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به ) أما ابن الجزار والقيرواني فقد فرقوا بين الطلاب وطالبوا بمراعاة تلك الفروق إذ من الطلاب من يكون المدح حافزا له على التعلم ويكون التوبيخ زاجرا له ومنهم من لا ينفعه ذلك ولابد حينها من أسلوب أشد تعنيفا كالضرب مثلا وقد بوب ابن خلدون في مقدمته لمسألة العقوبة محذرا من خطورتها حيث يقول ( من كان مرباه بالعسف  و القهر مع المتعلمين ٠٠٠  سطا به  القهر وضيق على النفوس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه ذلك إلى الكسل وحمله على الكذب والخبث والتظاهر بغير  ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهر عليه فصار ذلك له خلقا وعادة )وقد ضرب ابن خلدون مثالا حيا  وأمرا واقعا يتمثل في اليهود و ما هم عليه من كيد ومكر وخداع وكذب حيث يقول( و انظر في اليهود وما حصل بذلك فيهم من خلق سيئ حتى إنهم يوصفون بالحرج ) يعني بالحرج التخابث والكيد   

وخلاصة القول أن التربويين في الإسلام يميلون في الغالب إلي المدح والثناء وذلك هو الأسلوب الأمثل في نظرهم والحافز الأقوى للتعلم وليس ذلك خاصا بالتربية الحديثة لدى غيرهم

الاستاذ : الشيخ عابدين 

التعليقات (0)
1
لا توجد تعليقات كُن الاول واضف تعليق

اترك تعليق